صدر مؤشر أسعار المستهلك عند 2.9% على أساس سنوي، متوافقًا مع التوقعات، بينما كان التضخم الأساسي أفضل من التوقعات بزيادة 0.1% ليصل إلى 3.2%. جاءت ردة فعل الأسواق إيجابية على بيانات التضخم، حيث ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 1.8%، فيما صعد مؤشر ناسداك بنسبة 2.3% ، ما يعكس ارتفاع معنويات المستثمرين بشأن استمرار أفق النمو وتقلص مخاطر التضخم التي دفعت الأسعار في الفترة الماضية إلى التراجع بنحو 5% من المستويات المسجلة في ديسمبر. وفي سياق متصل، أعيد تقييم توقعات خفض الفائدة للعام الحالي، حيث يرى المشاركون في الأسواق أن أول خفض للفائدة قد يكون في يوليو المقبل بدلًا من سبتمبر، مما انعكس على مؤشر الدولار الذي تداول تحت مستوى 109، وهو المستوى الذي حافظ عليه في الفترة الماضية.
انحسرت المخاوف بناءً على البيانات الاقتصادية، حيث دفعت بيانات التضخم المستثمرين إلى شراء سندات الخزانة الأمريكية بمختلف الآجال لا سيما اّجال 5 سنوات، ما يشير إلى إعادة تقييم المخاطر المستقبلية من منظور السياسة النقدية. ومع ذلك، لا تزال عوائد سندات الخزانة مرتفعة مقارنة بالبيانات التاريخية – حيث حافظت اّجال 10 سنوات على عائد 4.66% ، وذلك لاستمرار مخاطر السياسة المالية وما يصاحبها من حالة عدم اليقين بشأن خفض الضرائب و الرسوم الجمركية والبرامج الحكومية التي تعتزم الإدارة الأمريكية الجديدة تطبيقها.
لم يتبقَ سوى أربعة أيام على تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب لولايته الرئاسية الثانية، وعليه عدد من التغيرات قد تؤثر في السياسة المالية منذ اليوم الأول. ورغم أن الإطار العام لسياساته يبدو واضحه فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، فإن تفاصيل هذه السياسات، وطريقة تنفيذها، وتوقيتها، وما إذا كانت ستُدار عبر اتفاقيات تفاوضية، تمثل عوامل بالغة الأهمية لفهم انعكاساتها على الاقتصاد الكلي. من غير المرجح أن تتضح هذه التفاصيل مباشرة بعد التنصيب في 20 يناير ولكن اول 100 يوم من الفترة الرئاسية لتوضح معظم تفاصيل السياسيات المالية خلال الاعوام القادمة 2025-2026.
برزت الإيجابية في إعلانات نتائج أرباح البنوك الأمريكية، حيث انعكست على أداء القطاع المصرفي. ومن المثير للاهتمام أن أرباح جولدمان ساكس من أنشطة التداول حققت أفضل نتائج في تاريخه، حيث ارتفع سهمه بنسبة 6% خلال الجلسة، مستفيدًا من التقلبات الحادة التي شهدتها الأسواق المالية خلال الربع الرابع من العام الماضي. وتزامن ذلك مع التغيرات اللافتة في الاسواق التي حدثت بعد انتخاب الإدارة الأمريكية الجديدة، والتي عززت المكاسب في بعض القطاعات والشركات التي استفادت من ارتفاعات السوق.
في سوق الذهب، يبدو أن المعدن الأصفر يكتسب زخمًا للحفاظ على مستوى 2660 دولارًا، مستهدفًا نطاقًا أعلى عند 2720 دولارًا، وهو مستوى تم اختباره مرتين سابقًا لكنه فشل في اختراقه. حاليًا، يحاول المشترون الاستفادة من الزخم لإعادة التموضع وبناء مراكز جديدة، مع الأخذ في الاعتبار أن بلوغ القمم التاريخية يبدو بعيداً على المدى القريب. ومع ذلك، فإن مستوى 2720 دولارًا يظل هدفًا محوريًا للمضاربين على المدى القصير، خصوصًا في ظل ضعف الدولار إلى ما دون مستوى 109، مدفوعًا بالتغيرات الطفيفة في توقعات الفائدة بعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأخيرة.
أما في سوق الطاقة، فقد واصل خام برنت الارتفاع لليوم الثالث على التوالي، محافظًا على مستوى 82 دولارًا للبرميل، بعد صعود بنسبة 3.5% خلال الأيام الثلاثة الماضية، وبنسبة 10% منذ بداية العام. تظل المعنويات الإيجابية مدفوعة بتوقعات السوق حول العقوبات المفروضة على النفط الروسي، والتي تزامنت مع إشارات تفيد بأن هذه العقوبات قد تلغي التأثير المتوقع لزيادة إنتاج النفط الأمريكي بعد رفع بعض القيود التنظيمية من قِبل الإدارة الأمريكية الجديدة. تشير البيانات إلى أن زيادة الإنتاج الأمريكي قد تقترب من 500,000 برميل يوميًا، لكن هذه الزيادة قد لا تكون كافية لتعويض النقص في الإمدادات الروسية. لذلك، يبدو أن المشترين ما زالوا متمسكين بمراكزهم بتفاؤل، مع انحسار المخاوف من فائض المعروض النفطي خلال العام الحالي.
بنظرة مستقبلية، يبدو أن معنويات التداول تميل إلى الإيجابية، مدعومة بالبيانات الاقتصادية الأخيرة. وينتظر السوق صدور بيانات مبيعات قطاع التجزئة الشهرية لشهر ديسمبر، والتي يُتوقع أن تأتي عند 0.6% مقارنة بالفترة السابقة، بالإضافة إلى بيانات طلبات البطالة التي يُتوقع أن تبلغ 210 آلاف، وهو مستوى قريب من الفترة الماضية. قد تُعتبر كلا نقطتي البيانات – مبيعات قطاع التجزئة وطلبات البطالة – أقل تأثيرًا من البيانات الرئيسية التي صدرت في وقت سابق من الأسبوع الحالي، مما يمنح السوق احتمالية أقل لحدوث أي تقلبات كبيرة قد تعكر صفو معنويات المتداولين خلال الفترة المتبقية من الأسبوع.